مقولة “نحن نثق بالعِلم!” أو “نحن نؤمن بالعِلم!”
هي مقولة سطحية تعبر عن سطحية قائلها.
فالعِلم التجريبي ليس مجموعة من الحقائق ولا مجموعة من العقائد. بل هو “طريقة” في البحث تقوم على المشاهدة والفرضية والتجربة والاستنتاج. لهذا فمن الخطأ الفادح “تقديس” مخرجات هذه الطريقة وتنزيهها عن الخطأ لأن ما تتوصل إليه البشرية من علوم تجريبية يتغير ويتطور على الدوام. سواء في الفيزياء أو الصحة.
ثم يوغل صاحب تلك المقولة في سطحيته ليستدرجك إلى خانة الدفاع عن النفس فيسأل مستنكرا “هل أنت إذن ضد العِلم؟”.
إن تقدم العلوم التجريبية وتطور فهمنا لهذه الدنيا يقوم على النقد وطرح التساؤلات وإيجاد الإجابات. ولا يقوم على “الإيمان” و “التصديق” الأعمى.
يجري تسويق العِلم كـ دين جديد، ويحرص كهنة هذا الدين واتباعه على إسكات كل مَن يخالفهم من خلال السخرية والتضييق.
أنا لا أثق بالعلم ولا أؤمن بالعلم. لأنه لا توجد حقائق أو عقائد اسمها العلم وأرى بضرورة طرح الأسئلة وعدم معاملة مخرجات العلم كـ دين بتقديس وتنزيه. هذه هي الطريقة “العلمية”.
الطب الحديث على سبيل المثال (لا الحصر) له تقلبات مذهلة على مدار العقود القليلة الماضية في علاجات أو تصورات جرى تطبيقها لسنين ثم ثبت خطرها.
فكروا معي : لماذا يحتاج الأطباء لسنوات طويلة حتى يثبت خطر علاج معين؟ نحن هنا نتحدث عن دورة متكررة ومؤسفة لتجاوب المجتمع الطبي مع التغيير. وسبب هذا التعنت والإنكار هو تلك العبارات السطحية.
بالمناسبة: الطبيب في الشريعة الغراء “ضامن” ولكنه في عصرنا مع الأسف متحلل تماما من المسؤولية (الطبيب والمستشفى ووزارة الصحة وشركة الدواء) كلهم يعمل جاهدا وينجح إلى حد مذهل في التحلل من الأضرار التي يتسببون بها.
الحاصل الآن هو “تسييس” محض للجائحة لا يقوم على أسس علمية متينة. وذلك لوجود خلاف علمي أصيل على فعالية الإجراءات. فالمسألة ليست محسومة طبيا كما يحب “المؤمنون” بالعلم أن يتصوروا.
وكون أن الإجراءات قائمة على قرارات سياسية فهذا يعطينا الحق جميعا ببحث الموضوع من الزاوية السياسية وما تشتمل عليه من قضايا إنسانية وحقوقية واقتصادية وشرعية وصحية. وأن تتحول المسألة إلى نقاش مجتمعي صحي يحترم تباين الآراء المعتبر ويبتعد عن أساليب التخويف ونشر الرعب والتنمر والتضييق.
لو كان دعاة الإجراءات ومؤيدوها على حق، لقدموا النقاش بالحُسنى على التخويف والتنمر والتضييق والإكراه. وهذا أقل شيء نتعلمه من الإسلام والذي يدعو إلى مناقشة اتباع الديانات الآخرى بالتي هي أحسن.