كوفيد ويكي

وجهة النظر الأخرى حول جائحة كورونا

أدوات المستخدم

أدوات الموقع


Action disabled: media
political

الاختصاص وصاحب القرار

عند التعامل مع مسألة كبيرة بحجم جائحة قلبت الدنيا رأسا على عقب فلا بد من وضع الأسس الصحيحة لفهم الموضوع وتداعياته ووضع معادلة نوزن من خلالها الأضرار والفوائد لنقرر.

الخطأ الفادح الذي نقع فيه جميعنا هو اعتبار “الأطباء” وحدهم أهل اختصاص في الموضوع. وهذا غير صحيح لأن المسألة أكبر بكثير من الأطباء ومن غير المقبول إغلاق العقول عن الفهم والتحليل في مسألة صحية تهم كل إنسان فينا. القرار الصحي هو قرار فردي يخص الفرد ولا يخص الطبيب وقرار سياسي مجتمعي يخص المجتمع ولا يخص الطبيب. الطبيب دوره في تقديم المشورة والرأي واقتراح الخيارات المختلفة والإنسان الواعي المدرك هو الذي يقرر بنفسه الإجراء المناسب له.

١الجسم البشري هو معجزة إلهية في تعقيد التصميم والوظائف. والطب (بما فيه الحديث) لا يستطيع أن يزعم معرفة خفايا الجسم البشري بالمطلق. (ومَن يزعم أنه يعلم فهو كاذب). والدليل على ذلك أن النظريات والفرضيات الطبية تتغير كل بضع سنين أو عقد من الزمن. (لا تتطور فقط، بل تتغير، يعني ما كان مسلما به بالأمس ينقلب اليوم إلى ضده). الكثير من المعارف الطبية الدقيقة هي معارف ظنية (فرضيات ونظريات) ولم تثبت على وجه اليقين. وهذا ينطبق بشكل واضح على الأدوية والعلاجات.
٢نتيجة توسع العلوم الطبية فقد صار دور “الطبيب” محدودا في فهم طبيعة الجسم (بما نعرفه عنه) وطبيعة الأمراض وأنواع الأدوية والعلاج. ولكنه في كل هذا يطبق “المعرفة” التي يأخذها من المصادر الطبية. يعني دور الطبيب صار “تنفيذيا” في تطبيق المعارف والإرشادات والبرتوكولات العلاجية (guidelines, codes and protocols) وليس بحثيا.
٣الدراسات والأبحاث التي تقوم فيها مراكز الأبحاث، سواء الدوائية أو العلاجية أو العضوية والوظيفية والتي تخلص إلى نتائج معينة يتم في العادة “مراجعة” وقراءة ما تقدمه (peer reviewed) ولكن من الصعب إن لم يكن مستحيلا التحقق منها (not verifiable). يعني ببساطة تُنقل إلينا هذه الأبحاث ونتائجها ويقوم الأطباء فقط باعتمادها دون قدرتهم على التحقق من فاعليتها بأنفسهم. وأكبر دليل العلاجات الكثيرة الضارة جدا بالإنسان والتي اعتمدها الأطباء لعقود ثم جرى تحريم استخدامها بعد أن انفضح أمرها. وهذا ليس ذمًا للأطباء ولكنه إدراك لطبيعة دورهم وحدوده.
٤التخصصات الأخرى التي يجب الرجوع إليها بخصوص فيروس كورونا هي علم الأوبئة وعلم الكائنات الدقيقة والفيروسات وعلوم المطاعيم والأدوية وعلوم الاختبارات والفحوصات …. (وهذه تخصصات أخرى غير الطب - يعني عالم الكائنات الدقيقة ليس طبيبا). لذلك فالأصل مراجعة أصحاب هذه التخصصات أيضا وليس الأطباء فقط.
٥القطاع الصحي كله (أطباء وعلماء ومتخصصون) منقسم حول جائحة الكورونا، هل هي جائحة أم مجرد مرض فيروسي يشبه البرد(بزيادة أو نقصان)؟ وهل إجراءات الكورونا التي تعتمدها الدول هي حقا ضرورية أم أن آثارها مدمرة وكارثية على الصحة العقلية والنفسية والجسدية؟ ولذلك فالأصل في الطبيب أن ينأى بنفسه عن تبني رأي واحد والقول بأنه الرأي المطلق الذي لا يحتمل الخطأ.
٦دور الطبيب هو في تشخيص المرض المحدد لإنسان والتوصية بالعلاج، وليس دوره في تقرير مسألة مثل فرض الحظر أو الإجراءات الإلزامية الأخرى. فهذه مسائل سياسية تخضع لموازنات الأضرار (المفاسد) والمصالح المترتبة عليها. وكونها مسائل سياسية تقديرية فهذا يعطي كل إنسان فينا الحق في أن يُعلن رأيه ويُصّوت لما يراه الأفضل. كما أنه ينزع الحق من الدولة بفرض الإجراءات على أي إنسان حر يعيش ضمن دائرته الخاصة. فليس للدولة الحق بفرض الكمامة في الأماكن المفتوحة ولا الأماكن الخاصة وقطعا ليس للدولة الحق بفرض اللقاحات على أحد. كل هذه تبقى خيارات فردية. والقول بمناعة القطيع هو “نظرية” ومن الجريمة أن يفرض أحد هذه النظرية على باقي الناس فرضا. ولا يجوز للدولة لعب دور الوصي وحرمان الناس من هذا الحق الأساسي الذي كفلته الشرائع والدساتير وحقوق الإنسان.
٧هناك تغييب متعمد للشفافية وعدم مشاركة المشاهدات والحالات وطرائق التداوي وافتقار للنقاش العلمي والمجتمعي المفتوح حولها. فلا نعلم مدى الاستفادة الفعلية من البرتوكولات ولا نعلم عن بدائلها بالرغم من التعامل المباشر مع ملايين المرضى. في حين أن الأصل هو مشاركة تلك المعلومات ضمن قاعدة بيانات عالمية ليستفيد الجميع منها ولتقرير فعالية الإجراءات الطبية بل ومعرفة طبيعة المرض نفسه.
٨من المعيب على أي إنسان أن يخلط الأمور ببعضها ليهاجم من يخالفه. من حق الناس معرفة الحقيقة بأن الطب في هذه القضية ليس قطعيا (وهناك خلاف علمي وعلى أعلى المستويات والتخصصات العلمية حول المرض وسبل الوقاية منه). وانتشار مفاهيم خاطئة بين بعض الناس لا يبرر الهجوم على الفكرة الأساسية. بل تُناقش المفاهيم الخاطئة (إذا ثبت خطؤها بشكل مؤكد) على حدة وبمعزل عن المسألة الأساسية.

لذلك فنحن نضم صوتنا إلى صوت كل حر ونطالب الأطباء بالشفافية وعدم إخبار الناس بأن المطاعيم أو الإجراءات آمنة بالمطلق لأنهم ببساطة ليسوا على يقين بذلك. (مجرد قراءة دراسة أو نشرة طبية لا يعني التيقن بما فيها). بإمكانهم أن يقولوا (هذا ما وصلنا ولا ندري على وجه القطع) لكن لا يعطوا للناس إنطباع خاطئ بأنها آمنة ولا أضرار منها مطلقا. وهذه مسؤولية عظيمة أمام الله.

ندعو الأطباء إلى ترك لعبة الاستقطاب والاستعداء بل بدلا من ذلك عليهم محاولة التقريب في وجهات النظر. ندعوهم إلى تأكيد ما يصح من شكوك الناس وعدم نفي كل شيء بالقطعية، والأهم عدم الاستخفاف أو التنمر عليهم. دور الطبيب هو تقديم المشورة وليس الاستعلاء على الآخرين بدعوة أنهم لا يحق لهم توجيه الأسئلة. صاحب الاختصاص الصادق المتمكن لا يقول للآخرين أنتم لا تفهمون ولذلك لا يحق لكم السؤال. نحن نريد أن نُعيد الثقة بالأطباء ولا نريد لهذه الثقة أن تهتز.

الطبيب الحر الشريف لن يرضى بإخبار الناس بأن هناك إجراء طبي آمن مئة بالمئة بناءً على ما يُنقل إليه *فقط* وبدون أن يكون قادرا على التحقق من الأمر بنفسه. الطبيب الصادق يخبر الناس بما يعلمه وبحدود علمه دون تهويل ولا استخفاف ولا وصاية.

ملاحظة: الموضوع لا يدور حول إنكار المرض أو الوفيات وكذلك لا ننكر جهود الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، والضغط الشديد الذي يقع عليهم في هذه الفترة الصعبة. ولهم منا جميعا كل التقدير والمحبة والاحترام.

political.txt · آخر تعديل: 2021/11/20 21:37 بواسطة المُشرف العام